“طالب الفريسكا – بنت أحمد وزينب – فتيات التيك توك – سيدة القطار – مجند التذكرة – طفل المرور – إزدراء يوسف هاني – بائعة المطر – صورة محمد رمضان – دكتور الإزدراء…” وغيرهم الكثير، كل هذه كانت مواضيع تصدرت الرأي العام لا أقول في عام 2020م بل أقول في في الفترة الأخيرة فقط من هذا العام.
مخطئين تمت محاسبتهم، ومُحترمين تم تكريمهم. حفلات أُلغِيَت، ومغتصبين مُنِعوا من دخول مصر. والعامل الثابت في كُل تلك الأحداث هو “دور السوشيال ميديا” في صناعة الخبر.
كانت “قوة السوشيال” بذلك سلاحًا ذو حدّين، يحتاجُ فقط لضابط لتحصُل الفائدة الحقيقة منه؛ ولكي لا يستخدم في تصفية الحسابات بين الأفراد، فيستخدمها ضيعف النفس في التخلص من خصومه وازاحة من يُريد، ولكي لا تكون منبرًا لكل من لا منبر له من المتطرفين من اليمين أو اليسار فتُصبح بذلك أرض خصبة لنشر الأفكار الخاطئة والمبادئ والمعتقدات الهدَّامه.
وكان خوفي من هذا السلاح الخطير يتلخص في سببين هما: (1) إن يكون هذا السلاح سببًا في ظُلم بريء. (2) أو أن يكون سبب في تشديد العقوبة على مذنب. ولكي يتضح كلامي أضرب مثالًا لكل سبب من السببين. فالسبب الأول كأن تتسبب السوشيال ميديا في سجن شخص تم تشويهه إعلاميا دون سند أو دليل حقيقي لمجرد أن أخصام هذا الشخص استطاعوا أن يتصدروا الرأي العام بإتهاماتهم. والسبب الثاني أن يكون المخطئ والمذنب عقوبته غرامة مالية، وبسبب تصدُّر قضيته للرأي العام تكون العقوبه سجن، أو أن تكون عقوبته السجن مدة وجيدة وبسبب السوشيال ميديا تصبح عقوبة مشددة وهكذا.
رأيتُ مؤخرًا بصورة ملحوظة أخبار تُفرِّحُ القلب وتشفي صدور المظلومين، مِن مُحاكمة مخطئين، وملاحقة مغتصبين، والقبض على متحرشين، ومحاكمة مُهملين، وإيقاف مُبتزّين، والتحقيق مع مُزدرين، وخلاف ذلك من تريندات وأخبار تتصدر صفحات المواقع يوميًا، ولم يكن سبب فرحي فقط لتطبيق العقوبات ورد الحقوق لأصحابها، بل أيضًا لسرعة التحرك وردّ الفعل تجاة تلك المخالفات. فيكون الخبر في الصباح وتكون التحريات والتحقيقات في المساء على أقصى تقدير، مع شرح موثوق للرواية فيتم القضاء على الإشاعة في مهدها ومنع أي مبالغات في الأحداث.
وعرفتُ من خلال الصفحة الرسمية للنيابة العامة المصرية أن تلك التحقيقات جائت بسبب خطة من النيابة تجاة ما يدور على السوشيال ميديا من مخالفات وأخطاء، رأي المسؤولون عن أمن البلاد سرعة التحرك بفعالية تجاة تلك المخالفات وعدم انتظار أن يتقدم احد بطلب التحقيق رسميًا فيها. فكانت النيابة العامة بذلك هي الضابط المنشود الذي رجوته ورجاه الكثير من محبي هذا البلد، الراجين تحقيق العدالة ورد المظالم ومساندة المظلومين.
لقد أُنشئت إدارتين بمكتب النائب العام (إدارة البيان) و (وحدة الرصد) بهدف التحقيق في المخالفات ورصد المخالفين، وتحقيق العدالة الناجزة طمعًا في أن يعيش المصريون في بيئة مناسبة بعيدة عن أجواء الإشاعات والجرائم التي لا تناسب إلا الغابات.
اتمنى أن يظل هذا السلاح (سلاح السوشيال ميديا) تحت سيطرة النيابة، لكي لا يحدث ما يخشاه كُل منصف، وأقول بالمناسبة للمصريين أن العواطف لا تصلح أن تكون قانونًا، فلقد شرع الإسلام شهادة الرجلين لكي لا يميل رجل بعاطفته تجاه الباطل فيضيع الحق، وشرع شهادة رجل وامرأتين في حالة عدم توافر رجلين عدول لنفس السبب. العامة تحكم دائمًا بعاطفتها، فتجد احيانًا مطالبات بحبس طفل حديث السن! أو إعدام شخص بسبب أمر عقوبته مجرد غرامة مالية، إلخ ذلك من مطالب منبعها العاطفة لا العقل.
على سبيل المثال، عندما طلب الجمهور القبض على أحمد وزينب المعروفين على اليوتيوب في مصر بسبب ترويعهما لطفلتهما الصغيرة، كانت المطالبات بسجنهما بسبب التعاطف مع الطفلة الصغيرة! ولم يفكر أحد في مصير تلك الطفلة! هل حبس والديها وسجنهما هو الحل لتحيا تلك البريئة في سلام؟! فها قد تم سجنهما وأوضعت الطفلة بدار لرعاية الطفل. وإذا بالجمهور المُساف بعاطفته يطالب بالإفراج عن المذكورين!. هذا حال كُل رأي نابع من عاطفة بحته، تجده يعصف لليمين تارة ثم لأقصى اليسار تارة أخرى.
أقول أيضًا لكل مظلوم ولكل من له حق أن يطالب بحقه لأن الحق الذي وراءه مطالب لا يضيع، وأقول ” من أمِنَ العقوبة؛ أساء الأدب”. حفظ الله مصر وشعبها من كل سوء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.